حين تزور حلب لا بد من أن تتذوق طعامها، حينها سيأخذك هذا الطعام إلى عالم آخر، عالم تحلق فيه في جمال هذا المذاق. وستسمع دوماً التعليق التالي: ” لو كان الأمر بيدي لكنت أعطيت شهادة أفضل وألذ مطبخ في العالم للمطبخ الحلبي”، فقد اشتُهرت حلب منذ القدم بطبخاتها الشهية حتى قيل “الشام ومياتها وحمص وبناتها وحلب وأكلاتها”.ونخصّ بالذكر هنا “الكبّة”، إلى أن أصبح يضرب المثل في أهاليها بالقول “أهل حلب أهل المحاشي والكبب”.

ترى كم نوع يوجد للكبة؟

لقد وثّق المهتمون بالتراث السوري والحلبي بالأخص أكثر من تسعون نوعاً من الكبة، لعلّ أشهرها المقلية، الصينية، سوار الست، المبرومة ،السفرجلية، السماقية، الصاجية ، كبة موزات، اللبنية، المشوية ،وكبة بسياخ.

لازلت أذكر حتى الآن حين دعوت صديقتي العربية ذات يوم إلى طبخة الكبة السماقية، حينها أبدت استغرابها بشكل كبير جداً، وعبرت عن دهشتها، ثم أردفت ضاحكة: “لا بد أنّ أحدهم في المطبخ الحلبي كان قد تأمل كثيراً حتى لمعت بذهنه فكرة طبخ الكبة”. وهنا لا بد من الاعتراف بشيء، وهو أن الحلبيون حين يتعلق الأمر بالمطبخ فهم متعصبون جداَ لمطبخهم لما يملكه من تراث عريق.

إذا ما هي المكونات الأساسية للكبة ؟

تتكون الكبة بشكل أساسي من البرغل ولحم الضأن والمكسرات، وقد تأكل العائلات الحلبية الكبة مرة كل شهر دون أن تمل ّأو تسأم منها نظراً لتنوعها. وتقتضي العادات والتقاليد أنّه لابد من وجود الكبة في كل وليمة، ويقول المثل (عزيمة بلا كبة متل الجامع بلا قبة)، و طبعاً في كل مناسبة مثل رمضان والأعياد، ولولا الحرج لتم إعدادها في أعياد الميلاد أيضاَ.

متى تؤكل الكبة؟

قد تأتي الكبة كأكلة وحيدة وقد تأتي مرافقة لأكلات أخرى، فمثلاً في أكلة “المشاوي” ترافقها الكبة المشوية أو الكبة بسياخ إذ لا بد منها.
وما يزيد في تعلق الشعب الحلبي في هذه الأكلة هو الحميمية التي تضيفها للعائلة، فيوجد جوّ من الحميمية والألفة عند صنعها، حيث تجتمع الجارات معاً أو نساء العائلة لإعدادها وهن يتبادلن الأحاديث ويشربن القهوة، فلا يشعرن حينها بالملل، بل على العكس تماماً، إنهن يستمتعن، وبذلك تحصل المتعة مرتين، مرة عند الإعداد ومرة عند تناولها.

هل يوجد بديل للكبة عند اهل حلب؟

نظراً لغرام أهالي حلب بالكبة، لم يستطيعوا الاستغناء عنها أو استبدالها بشيء آخر حتى في الأزمات، فحين انقطعت الموارد بسبب الحرب في حلب، ومع انقطاع الكهرباء وندرة اللحوم، استعاض أهل المدينة بمواد أخرى مثل السميد أو البطاطا السلوقة أو حتى الخبز اليابس بدلاً من “الهبرة” كي يتماسك البرغل وتتشكل قوام الكبة ولم ينقطعوا عنها.

وبحكم عدم وجود كهرباء في ذاك الوقت فقد استبدلوا البرغل العادي ببرغل ناعم جداً، يقال له برغل “سمسمي”، فاستطاعوا صنعه بأيديهم بدلاً من ماكينات الكبّة.
و يتندّر أحدهم بالقول أنّه اتصل ليطمئن على أهله بعد سماع الأخبار العصيبة في المدينة، فردّت عليه والدته قائلة بأن الكهرباء مقطوعة والماء مقطوعة والوضع صعب، ومن ثم قالت له أنها ستحدثه لاحقاً لأنها تقوم بتحضير الكبّة.

كيف أستطيع تجربة ذاك الطعم؟

إن كنت تريد تجربة ذاك الطعم وصنع الكبة في منزلك، فأنصحك بالاتصال بصديقك الحلبي للاستعانة به، تماماً كما في برنامج من سيربح المليون “الاتصال بصديق “، وهنا لن تربح المليون بل ستربح طعماً يسحرك. وإن لم يكن لديك ذاك الصديق الحلبي فأنصحك بصفحة الطبخ الحلبي يمي فود  وكذلك موقعهم 

في المرة القادمة حين تزور حلب لا تنسى أن تأكل كبتها وأعدك أنك لن تنسى ذاك الطعم .

تصوير:أعضاء صفحة يمي فود

 

 

هبة اعرابي

هبة اعرابي

محرر محتوى

مهندسة حاسبات ماستر في الأنظمة الذكية-جامعة غرناطة

مصدر مقالة وجه الشبه بين الكبّة والقبّة هو لدّات.