في داخل كل قلب فينا ينمو غصن منذ بداية وجودنا في هذه الحياة، ومع مرور الوقت يتشعب بداخلنا ليصبح شجرةً قادرةً على مواجهة تحدياتٍ وظروفٍ كتب علينا التاريخ المرور بها، فماذا لو اخبرتك بأن هناك غصنًا كان بدايةً لحريةِ شعبٍ أراد نيل الحرية والاستقلال ضمن تخبطات احتلال قاس تعيس فرض هيمنته بسلاحه لا بقوته عليه؟
شهر تشرين الثاني الذي يبدأ معه موسم جديد وحرية جديدة للشعب الفلسطيني منذ الأزل، ففيه يبدأ الشعب بالعودة إلى شجرة الزيتون التي تحمل شعار السلام تحت ظروف قد تكون فرضت عليهم. وفي جانب آخر، هو فضٌّ لهيمنة الاحتلال على الأرض، فيه تمارس عادات شعب وتقاليد تعاش فيها أجمل اللحظات التي قد تمر على الأرض.
مع كل صباح يتجدد، تبدأ كل (حَمولة) بجمع الأدوات المناسبة لقطف الزيتون، فترى أن أكثر الفئات حماسًا هم الأطفال، فما لهم إلا أن يلبسوا الملابس القديمة التي مر عليها أكثر من قرن لكي تتناسب مع البقع الزيتية التي سترسم على ملابس كل شخص فينا لتحفظ بقيمتها للسنة المقبلة.
طقوس يتميز بها شعبنا عن غيره من الشعوب، فلا ترسُم على وجهك علامات التهكم والتعجب إذا وجدت أكثر من خمسة أشخاص على رأس شجرة واحدة، وامرأة تصنع الشاي، وأخرى تصرخ موبّخة أطفالها لكي لا يتشاجروا أيهم قد جمع كمية أكبر من حب الزيتون، وجدّة تصرخ وتنادي أولادها لكي يأخذوا حذرهم وهم على رأس الشجرة ذاتها. ولا ننسى ذلك الجد الذي يجلس على حافة مميزة وُجدت له، وكلٌّ منّا ينتظر منه أن يغادر مكانه لنجلس بدلاً منه، وكلمته الشهيرة “شو صار بالشاي يا مرة”.
ومن جانب آخر، هناك المضايقات التي تتعرض لها مجموعة من العائلات والتي تكون أرضهم على مقربة من الأراضي المحتلة، فما لا يمكن وصفه هي تلك الانتهاكات التي يقوم بها “بنو صهيون” في حقهم، فكل يوم هو بمثابة غزوة من الصراخ والضرب والغاز المسيل للدموع، ولا ننسى قطع الأشجار. كل هذا ما هو إلا محنة ستزول.
ومع آخر حبة زيتون يبدأ موسم العصر، ولا يمكنك أن تذهب لعصره دون أن تحمل في جعبتك ذاك الخبز الساخن الذي خبزته لك زوجتك وأمك على الصرار الساخن، وما أن تنزل اول قطرة من الزيت، حتى يكون لعابك قد سال للحصول على لقمة منه فيصرخ الجميع: “هات خبز الطابون يا ولد بسرعة!”.
كل تلك اللحظات التي نعيشها ما هي الا لإثبات عشقنا لتفاصيل الجهد والفرح في آن واحد، وما هي إلا لجعل العالم يرى فينا كل هذا الأمل الذي يستحيل أن يوجد في أي شعب آخر.
هل تعيش تلك التفاصيل مع عائلتك؟ شاركنا حكايتك…
Continue reading طقوسٌ تشرينيّة زيتونيّة at BirHakaya – بيرحكايا.