الحُب ليس أعمى كما يُقال،..كان صغيراً ويرى الحُب موضة لا اكثر، والموضوع الأكثر اهميّة عند الحَديث مع الجَميع، حتّى على شاشات التلفاز، وقِصص الحُب التي يتغنّى بها في كل وقت، كأنه مُتطلب لمرحلة يمرّ فيها المُجتمع الذكوري، كان مُفجّراً لِكم المشاعر المضغوطة وتجرُبة تنمّي المشاعر الطُفولية، ثم تُرهقها و تملأُها بمشاعر لا تحتمِلها، كان الحُب في ذلك الوقت موضة.
لكنّه وقع في هذه التّجربة التي تعمي النَّفس وتوجّهها نحو التفكير بأحداثٍ كبيرة، وفي ذلك الوقت لم يكُن يفكّربعمق، ليس بحاجة لعقلِه اصلاً، تُحرّكه قوى غريبة تِجاه الأمور، وتخدعُه بأنّه اختارها، بينما لم يكُن نفسه، كان في وهمٍ كامل..
في البدايات الحديث يطولُ بينهُما ويستمر لساعات، سهَر لمُجرد الاسم، الحُب الكاذب، ظاهِرة تُصيب الأطفال، مرضٌ لا لِقاح له، ثمّ تدريجياً يقِل الحديث، ففي حاضِرنا الحديث الكتروني وعلى مواقع التواصل حيثُ لا مشاعر.. لا ايحاءات، كلمات مُجرّدة، ومع ذلك لها وقعٌ في النفس لا لِشيء سوى أن الحب غريب في مجتمعاتنا، نشاهِده في كلّ مكان، لكنّنا لا نشعُر به، ولا نسعى من أجله، الحديث لمجرّد الحديث فقط مع الطرف الاخر يؤدي في النهاية لحبٍ مُصطنع، الكرهُ والخوف في نُفوسِنا ،هذا ما أظهرهُ الحُب الكاذِب .
ما أدركَه بعد فترة انّه لا يريد هذه الحياة الزائِفة، لكنه أيضاً لا يريد أن يؤذي احد، فيتظاهر بالوفاء، كرِه قيس لمُجرّد انه ماتَ من اجل انثى، روميو كان غبيّاً في نظرِه، كلُّ قِصص الحب كانت للشُّهرة ان لم تكُن خيال كاتب، لكن ما أحدث الاختلاف فيه شيءٌ آخر ظهر في حياته فجأة، ليس عدد الكتب التي قرأها والآراء التي سمعها، تعلم شيء واحد فقط، تعلمّ ان يفكّر في نفسه ان يتصالَح معها، بدأ بالإختلاف وقتها، الشكُ في كل الأمور، فهو يمتلك سنة تغيير الأنفُس وهو أصدق ما تعلّمه من التعاليم التي تركت في نفسه أثر.
لكن حتى التظاهر أحدث شلل في مبادئِه، كيف يُطلق على نفسه بأنه يفكّر، وفي نفس الوقت لا يفعل ما هو مقتنع به، كيف تحمّل التظاهُر بالوفاء! لم تكن تُزعجه كلمات مثل”بحبك”، لكن الكلمة في نفسه لا تُعبّر عن ارتباط الطرفين، كانت تُعبّر عن قيمة انسانيّة أدركَ انهُ بحاجة لها في كُل وقت؛ لكي يشعُر بسعادة واحترام الجَميع، كان يستطيع ان يُرسلها للجميع، لكن المشكلة كانت في فهم الطرف الثاني لها، لا يرى الحُب في الكلمات يراهُ في وجوه الناس، في انسانيتهم ، في مُساعدتهم لغيرهم، وفي ابتساماتِهم.
الحُب، الاهتمام، الصداقة، كلّها مفاهيم اسأنا فهمها، القوّة التي تجذبنا لبعض قائِمة على السعادة، لا وُجود لهذه المسميات، هيَّ امّا لإشباع الغريزة الحيوانية او للتّعبير عن علاقة طويلة الأمد كالزواج مثلاً، لم أعُد افهم كيف يتم الخَلط بينها .
كان اخر حديث يدورُ بينهما على انّه حتى الكلمات أصبحت تحمِل معنى مُختلف، لا يستطيع التّعبير عنها وان فعل، لن تستطيع فهمه، لكن تذكّر دوماً أنّ الحُب بمعناه السطحي كاذب، الجاذبيّة ايضاً مُصطلح كاذِب كل ما أريد ايصاله ان تبدلي المصطلحات وتبقي التعريف في مكانِه، ربما نيوتن كاذب لم تسقُط التفاحة بسبب الجاذبية، ببساطَة لأنها اشتاقت للأَرض فوقعت في حِضنها .
كلّ الأشياء في الحياة، كل المصطلحات لا تحمل المعاني التي نُدركها، اللغة كاذِبة أحياناً، وأصدق الناس الصمّ، وروح الحياة الانسانية وجاذبيتها هو الحُب.
منذ تلك الفترة والنفس التي بداخله تدفعه وتحرّكه، منذ ذلك الوقت والناس تُسيء الفهم وهو يقابِلُهم بالحب، منذ ذلك الوقت وهو لا يرى نفسه الّا في عيون الآخرين، كُل المرايا كاذِبة لكن العُيون لا تكذِب؛ لأنّها مرآة الروح.
Continue reading في فلسفة الحب، عندما يكون الحب موضة. at BirHakaya – بيرحكايا.