الحِجارةُ القديمة، أُولَى محطّاتِ القلب

هذه البلادُ بلادُ الحضارةِ و الحداثَّة، إنَّها مزيجٌ من دقّةٍ عصريّةٍ تزينها عراقة الماضي، هذا المزيج الذي يعطي لوناً ليس من السهل وصفه، فالحجارةُ القديمة، أولى محطات القلب و أبرزُ بقايا روحها في العقل.

هُنا، حيثُ أنتمي، لو قلتَ لطفلةٍ أو شاب أو حتى زائراً أمريكياً ماذا يخطر ببالكَ حين تسمعُ جملة “الحجارة القديمة في فلسطين”؟، أول الإجاباتِ ستكون إما البلدةُ القديمة في القدسِ أو البلدةُ القديمةُ في عكَّا أو الخليلِ مثلاً، سَتُسعِفُ ذاكرتنا المشاهد التي نمرُ بها في أروقة و أزقة هذه البلدات العريقة، واستناداً على جمال هذه الأصالة التي تزينُها سأُسلِطُ ضوءَ مقالتي باتجاه البلدة القديمة في القدس التي هي و كما تُعتبر مركِز المدينة، وهي المكانُ الموجودُ داخل سور سُليمان القانونيّ،  إنَّك إنْ مَررتَ بكلِ ما يحتويه هذا السُّور لوجدت أنَّ كل حجرٍ فيها يحمل رواية و يُعطي مشهداً من مشاهد العصور التي كانت العراقةُ فيها تَتَمثلُ بكلِ النقوش و الزخارف التي زيَّنت المباني و المساجد و الحدائق و غيرها.

لكن في البلدة القديمةِ و ما يميّزُ البلدةَ القديمة هو الحياة و الروح التي تعمُّها بالرغم من كل ما تتعرض له، تبقى النبضُ و القدسُ بدونِها لا حياة لها، و تبقى موطناً لعدد من الرموز الدينيَّة، مثل حائط البراق وكنيسةَ القيامة و الجامع القبليّ وقبة الصّخرة.

يجدُر الإشارة إلى أنَّه ابتداءً من القرنِ التاسع عشر، قُسّمت هذه البلدةُ إلى أربعة أحياءَ:

حارةُ النصارى: هي واحدة من الأحياءِ الاربعةِ الكُبرى في مدينةِ القدس، هذا الحيُّ معظم سكانِه منَ المسيحيين العرب وهو إلى جانب حارة الأرمن.

الحي الإسلامي: يُعتبر الحيُّ الإسلاميُّ أكبرُ أحياء القدس القديمة وأكثرُها اكتظاظاً، حيثُ يسكنه قرابة 22,000 نسمة، حاراتُه منَ الحارات المتميّزةِ بوجود عددٍ كبيرٍ مِن مقامات الأولياء والشهداء.

حارة الأرمن:  تقَعُ في جنوب البلدة القديمة وتطل على باب النبيّ داود.

 حيُّ المغاربة: سُميَّ الحيُّ بهذا الاسم نسبة إلى الأمازيغ سكانُ بلاد المغرب الذين سكنوا الحارةَ قديماً، (أي أنَّ أُصولهم من المغربِ الأقصى).

كُلُ الجمال الذي تراه أو تمرُ فيه يضيقُ و يتسعُ في مساحةٍ قدرها ما يقارب  أقل من 0.15% من المساحة الكليّة لمدينة القدس، في كلِ الأحوال إنَّ الشعور الذي سيُسلطِنُ على قلبك وعقلك حين تمشي في أزقتها و شوارعها أعظمُ مِن أنْ يتم وصفهُ بأبجديّةٍ محدودة.

هل مررتَ بتلك المشاهدِ من قبل؟ أم أنَّكَ ممن يتمنونَ المرورَ بها؟