يقول سَمنون بِن حمزة: “لا يُعبّر عن شيءٍ إلا بما هو أرقُّ منه، ولا شَيء أرقّ منَ المحبّة، فما يعّبر عنها !”، في قولِ هذا العَاشق البَغدادي المُتوفى بعضٌ من العَجز في وصف الحب، هذا العجز الذي جمع الكثير من العُلماء تحت سقفِ واحد.
يتّفقُ معظُمهُم على أنَّ المحبّة أو الحُب لا يُمكن تَعريفها تعريفاً جامعاً مانِعاً؛ فهل هو دراما تراجيديَّة أم صَنيعَة أخلاقِيَّة؟
الحقيقة هي أنَّ كلَ من جرّب عواطفهُ الميّالة تجاه من يُحب، كانَ قَد رَأى شعورين مُتداخلين: شعورُ الأَمان و شعورُ الأَلم، كلاهما يُعطيان مُصطلحاً واحداً لتجربة واحدة .
لنَقُل أنَّنا تَوَجهنَا لِمحبٍ وسألنَاهُ ما معنى الحب؟
قَد يمدَح الروح الجميلة التي اكتسبها بعد الحب وقد ينعتُه بسلبياتٍ مرَّت عليه، في هذا الاتجاه تجدُر الإِشارة إِلى أنَّ واقعك الذي أَنت فيه هو من صُنعِ يديك، وأنّك أَنت من تحدّد هَل ستعيش في حالةٍ تراجيديَّة أم بِحالةٍ تُحسد عليها، وكل موقفٍ يمرّ عليك في حياتك لا بُدَّ أَن يكون ردّة لفعلٍ أَنت اختلقته، إذاً نجد أنّ مشاعرك في الحب هي صنيعة أَخلاقية وليست دراما اعتياديّة يعِيشها كل من دخل من هذا الباب.
قال تعالى:﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾
قالَ سبحانه “حبّب” من هنا انطلاقةٌ إلَى أنّ دين الإسلام لم يجعل قضيَّة الحبّ قضيّة مُعيبة أَو قضيَّة لا ينبغي الحديث فيها بغض النظر عن الحب الذِّي خصت به آياتُ القُرآن الكريم؛ فالحبّ نعمةٌ فأنَّى لنا أَن نحزن يوماً ونلعنه كخطِيئة وهو بالأساس نعمَة .
ضريبةُ الحُب
برأيي هذه الضريبَة لها نظريّة تنُصُ على :” كلَّما كان فكرُك سلبيَّاً في حياتكَ فإِنَّ ضريبةَ الحب علَيك ستكونُ كبيرةً, فترعرع مع الحُب من لُيونةِ أَظفاره، وبِمعنى آخر هُناك حبٌّ حسِّي وآخرٌ عقليّ، وكلما ارتقى الإِنْسانُ فإِنَّهُ يحبُّ بعقله، وكُلَّما هبطَ الإِنسانُ فإِنَّهُ يُحبُ بِحواسِه.
هنَالكَ جانبٌ منْ قَلبِكَ يريدُ أن ينبض
انّهُ أنت!
نعم أَنت، قَد تَمرُ عليكَ لحظاتٌ من هذه الحياة تَصلُ بِكَ ذَروةَ اليأس، وتلعنُ ما أردتَ وتَسبُّ يوماً كان سَيئاً بِصنعِ يديِكَ، وتلوِّث فكركَ لموقفٍ عابرٍ أراد أن يعطيكَ درساً للحياة، وقًد تجزِمُ أنَّك لَن تَدخلَ قواقِع العاطفة وأنَّكَ أنتَ الآن قويٌ بما فيه الكفاية كي تَقف جداراً أمام مشاعِرك وتنعَزلُ مع دمعةٍ حانيةٍ آخر اللَيل .
لكنَكَ فِي ذات الوقت يجِب أَن تؤمن بفِكرة أَنّ جزءاً من قلبك ينتظرُ نبضتههُ الأُولَى، وسَتحرصُ بِلا رَيبٍ علَى أَن تكون نبضته الأُولَى هي الأَجمل؛ فلا تحرِّم على نَفسكَ فكرة أَنَّكَ بشرٌ يُحبُّ ويُحب، ازرع حُبَّاً تلقى إِيجابية.
لا وسطيَّة في الحب !
صحيح، إِمَّا أَن يكون أَسوداً وإمَّا أبيضاً ، من المستحيل أَن تَجد حُباً رماديَّاً فتلكَ خديعة مُبطَّنة ليس أساسها الصِدق المَتِين، كَونك شَخصاً إيجابيَّاً سيمنع بالتَأكيد ظهور الشكليات الرماديَّة في حياتك لَكن ذاك كما قلت يَعتمِد على أَخلاقكَ في الحبّ، أَنتَ حين تَدخل إِحدى القواقع ستجِدُ عالَماً وفي ذات الوقت ستجدُ نفسكَ مع قَلَمين الأَسودُ وَ الأبيَض، يَتبَقى أن تبدأَ برسمِ المُنحنيات، ستُكوِّن بالنهايَّة لوحةً جميلَة جدَّاً لَو كُنت إيجابيَّ العقل والقَلب .
Continue reading الحب: دراما تراجيديَّة أم صَنيعَة أخلاقِيَّة؟ at BirHakaya – بيرحكايا.