لا نستطيع إنكار وجودنا في عالمِ يحتوينا ويحتوي أرواح الآلاف بشتى أصنافهم. الخير الذي يمتلك صدور ثلة هائلة منهم، والجشع الذي يجتاح صدور آخرين. أما المجموعة الأكبر منهم، فتسمو صدورهم بأسمى درجات الحب والعطف والخير، وأخرى ليست بقليلة أيضاً، جشعة هيَ، حاقدة طامعة، لكن هل يحدد تكوين الجنس البشري الفعليّ الخيِّرَ منهم والآخر مغلول القلب؟ أم أنّ هنالك عوامل أخرى مساندة؟!
بطبيعة الحال، نحن نخلق تقسيمات البشر على عدة أسس. مثلاً هل هم شجعان أم لا؟ وهل هم متعاطفون أم لا؟ وللغوص أكثر في هذا الشأن، نجد أنّ العديدَ من الأبحاث تبيّن أن التعاطف موجودٌ لدى الإنسان منذُ التكوين الأول، حتى أن سمة العطف هي النزعة الأولى التي يبديها البشري في تعامله مع الغير. ومثال ذلك، لو أُعطيَ الواحد منّا ثوانٍ معدودات ليفكرَ فيما إن كان يتحلى بالكرم أم لا، أو هل سيتبرع لعائلة وضعها أدنى من أن يُتحدث عنه أم لا، أو حتى أن يُساعد كفيفاً يقطع إشارة ضوئية، فإن أول ردة فعل ستكون بالإيجاب. لكن في الوقت ذاته، لو أعطينا ذات البشري وقتًا أطول للتفكير، وفيما لو خُيِّرَ بفعل هذه الأمور من الممكن جداً تبديل قرار الإيجاب بالسلب؛ أي أن قرارتهم ستتصف بنزعة من الأنانية في حال حصولهم على وقتٍ أطول للتفكير، وذلك بطبيعة الحال يعود لجملةٍ من الأسباب، كالمصلحة الذاتية مثلاً؛ أي أن الفرد منهم سيتراجع عن الفعل لاعتقاده بأن الآخرين سينظرون له كمن يفعل الشيء لذاته أو لتحقيق بغية ما في نفسه.
يقول (داروين) في إحدى نظرياته أن البقاء للأقوى، التحليل المنطقي يقول أننا بطبيعة الحال كائنات ضعيفة لا تمتلك قدرات خارقة، حتى الجلود منا رقيقة، وهذا يعني أنه لولا وقوفنا جنباً إلى جنب، ولولا أن الله أوجد في كلٍّ منا نزعة الرحمة والعطف، لما استطعنا البقاء والاستمرار حتى اللحظة، وهو ما يتضح في قول داروين أن الشفقة والعطف من أساسيات البقاء؛ لأن طبيعة الإنسان ضعيفة تحتاج للمساندة.
هذه المشاعر موجودة فيك في كل الأحوال، لكنك وحدك من يقرر الاحتفاظ بها أم لا … فقط تأمل وابتسم، فالقرار بين يديك فعلاً.
Continue reading ما أصل الطبيعة البشرية ؟ at BirHakaya – بيرحكايا.