ما لقّبه ترامب بوعد القدس: بلفور القرن 21

نرى الشعب الفلسطيني اليومَ مستنفرًا في الأزقة والشوارع، يصرخون القدس لنا ولا يهدؤون، لماذا؟

الفلسطينيون في الاقصى يرفعون علم فلسطين

      استعمار بصورة لائقة

منذ عام 1948 والقدس مدنّسةٌ بأقدام المحتلِّ وأنفاسه التي اغتصبتْ حقها في رؤية أحبابها. ربما لم تبدأ الأحداث عند وعد بلفور، إلا أنه تناسب مع ما قدِم به الرئيس الامريكي ترامب، فأعطى شرعيّة للصهيونين بتملّك أرض ليست لهم، وهي القُدس.

لقد كانَ وعد بلفور الخطوة الأولى للفكرة الصهيونية بإيجاد قاعدة ليبنوا عليها حقهم، وقد تقدم ترامب الآن بقرارِ إعطاء شرعية للاحتلال بامتلاك أرضٍ ليست لأيٍّ منهما.   

ما هذا؟ إنّه استعمار القرن الواحد والعشرين؛ فليس من الذّوق أن يقول الرئيس ترامب بأنه يريدُ التخلص من الوجود الفلسطينيّ على الساحة الدولية والإقليمية، لكن يمكنه اختلاق الأعذار بحق مساكين المحرقة اليهودية؛ للمطالبة بحقٍ للمستعمرين الصهاينة.

ترامب يزين خطوات نتنياهو الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.

     

     من الأسبق؟

في الحالات الطبيعية، من المفترض أن نأتي بما أُتيحَ لنا، إلا أنّ القطب المتفرد الامريكي يأتي بما لم يتَح له. فيتبادر لذهن الفرد سؤال: من الأسبق، القانون أَم السياسية؟ فالإنسان العادي يجيب: “القانون طبعاً”، إلا أن رجلاً سياسياً سيُجيبُ ضاحكاً: “السياسة طبعاً”. تفرضُ بالقُوى سلطتها، كسياسة العصا والجزرة. تعارض قرار ترامب بجعل القدس عاصمة لدولة الاحتلال مع العديد من الاتفاقيات: اتفاقيات لاهاي، اتفاقيات جنيف الأربع، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة في الأمم المتحدة، إلى مبادئ وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وغيرها، فنرى أنه لا يأبه لتبعات هذا القرار؛ لأن سياسة الأقوى فوقَ القانون.

رجل يحاول الابقاء على حياة زهرة على ارضه رغم جبروت و قضاء الاحتلال.

دقات دماء تنزف

ما زالت دماء الشهداء تنزف، وقلوبها تنبض داخل الأرض تلعن كل قدمٍ نجسةٍ تطَؤُها، وما زالت أمهات شهداء الانتفاضتين يرَينَ أبناءهُنَّ في كلّ شارع كالطيور التي لا تَرى حدًّا للسماء.

نحن لسنا بشعبٍ مستسلم، ولسنا مرتدين لبيوتنا خائبين، وكما قضى القدر بكلمته، فالفجر لم يطلع، والسماءُ لم تجف منذ مجزرة عيون قارة. هذه قدسنا، قدس الديانات السماوية وليست قدس المحتل! فلتكن هذه آخر شرارة لفيضان قلوب الحفاة والمرتدين، فيضان عزيمة الجنوبيين والشماليين، القَصِيّ البعيد والقريب، كل من ناشدت قلوبهم أرضًا مقدسة تنادي منها أصوات دماء الشهداء. أنجدوهم! دماؤهم الطاهرة ترى بأمِّ عينها أرواح الاحتلال تسلب كل ما رقصوا وأحبّوا من أجله.

زغاريد امهات فلسطينيات

ماذا نحن بفاعلين؟

بما أن التاريخ يمر بوقتٍ كقصة تروى قبل النوم، هيا بنا لَنحول دون جعل قُدسِنا قصّة عابرة، بل عِبرة. فلنُسقِط جميعَ الرسميات التي لن تغدو إلا حبراً على ورق، هيا لنمشي في أزقة القدس، هيا لنمشي كأصحابٍ لا كزوّار. وإن كان صراعنا كسقوط الإبرة في القش، فلنكن إبرةً مشتعلة تحرق ما حاول القشُ أن يشبكها به! دعونا لا نكون كمن على عينيهِ غشاوة، وهيا بنا لنصنع تاريخنا.

Continue reading ما لقّبه ترامب بوعد القدس: بلفور القرن 21 at BirHakaya – بيرحكايا.