“نِعْم الذخر والعدة، ونِعْم الجليس والقعدة، ونِعم النشرة والنّزهة، ونِعم المشتغل والحرفة، ونِعم الأنيس ساعة الوحدة، ونِعم المعرفة ببلاد الغربة” هذا ما وصف به الجاحظُ الكتاب، أما بعد … هل الحياة بدون الكتب حياة؟
- الحياة بدون كتب
إنَّ وجود الكتب هو متطلب دنيوي كما الماء والهواء، تعال معي عزيزي القارئ نتخيل الحياةَ بدونها، في البداية لن يكون هنالك علمٌ متداول، أي أنَّ جميع المعلومات التي اكتشفها العلماء والباحثون لن يكون لها وجود؛ بالتالي فإنَّنا لن نكون في التطور الذي نحن فيه الآن، وعدم وجودها يعني عدم تمتع البشريّة بالثقافة؛ فلا ننسى أنَّ الكتب هي بنك الكلمات، تمدُّ القارئ بكمّيّة هائلة من المصطلحات، وتثري عالمه الفكريّ والملكات اللّغوية لديه، وسيرى الأمور بوجهات نظر مختلفة، سيجد أنّ الكتب الفكريّة أو حتّى الأدبّية تعرض له الكثير من الأفكار المتناقضة التي لن يقرّها بالضرورة، لكنه مع الوقت سيصل إلى مرحلة يتقبل فيها الاختلافَ بصدرٍ رحب، سيرتفع وعيه للعالم المحيط به، وسيعرف أيّ جانب فكريّ عليه أن يتبنّاه.
ثانيًّا، لولا وجودها لكان الخيال محدودًا، والقدرة على تفسير وتحليل الأمور أقل مما يجب بكثير، ولكان الإنسان غير قادر على تفسير الظواهر والكوارث الطبيعيّة أو البشريّة؛ لذا فإنَّها بئر الأفكار والمُحفّزُ المثاليّ للخيال.
الكُتب هي الدليل الأمثل لمقابلة الشخصيات التاريخيّة والمشاهير الأموات، والثقافات المختلفة، وعرض القضايا المهمة، فمثلاً كانت القضيّة الفلسطينيّة من أهمّ ما أبرزَها الأدبُ العربيّ في عدّة كتب، وربما أشهرها دواوين درويش، ورضوى عاشور، وزوجها الشاعر الكبير مريد البرغوثي. إضافةً إلى أنَّها تُعتبر الموجّه السلوكيّ والأخلاقيّ للكثيرين، وواهبة لقوة الاستمرار؛ فكُتب تعزيز الذات، والثقة بالنفس هدفٌ لكل من يشعر بصعوبة الحياة والاستمرار فيها، وبعض الكتّاب اتّخذ هذا النوع من الكتابة هدفًا له؛ فالكاتبة الأمريكيّة “دانيا ستيل” تُصنّف كأحد أهمّ الكتّاب لهذا النوع.
- أيهما أفضل الكُتب الورقيّة أم الكتب الالكترونيّة(PDF) ؟
في الحقيقة لا يمكنني الجزم بأن أحدها أفضل من الآخر، فإقرار أنَّ الكتب الورقيّة هي الأفضل يعني تجاهلي للأشخاص الذين يجدون متعة كبيرة في قراءة كتب (PDF)، ولأعرفَ ما مدى تفضيل الناس لأحدهما على الآخر أجريت استطلاعًا بسيطًا لطلبةٍ من جامعةِ بيرزيت في فلسطين، وإليكم بعض الآراء التي أقرّوا بها:
- “كتب(PDF) متعبة جدًا للنظر، حتى أنني لا يمكن أن أقطع قدرًا كبيرًا من قراءته، في ذات الوقت هنالك كتب أسعارها مرتفعة ولا يمكنك دائمًا أن تشتري الورقيّة منها،أيضًا لا يمكنك شراء أي كتاب أعجبك اسمه؛ فأنتَ لا تعرف إذا ما كان محتواه جيدًا أم سيئًا، بالتالي لا تدري هل ستكون قد أصرفتَ مالَكَ عبثًا أم لا” لمياء أبو عوّاد| كيمياء.
- “المكتبة ضرورةٌ في كلّ منزل؛ لتربية الأبناء على القراءة، واعتيادهم على منظرها يدفعهم لاستكشافها. الكتابُ الورقيّ أدوَمُ من كتب (PDF) وله عبقٌ ومنظرٌ خاص، خاصّة إن كان متوارثًا أو هديةً من صديق، وقد تتبادلُ الكتب مع أصدقائك، ولا يمكن إلكترونيًّا، وهذا فيه أُنسٌ اجتماعيّ” عبد الله مفلح| لغة عربيّة.
- “برأيي كتب(PDF) أفضل، يمكن تحميلها على الجهاز، وهي أسهل للمراجعة، ولا تضطر لحمل كتب بيدك أثناء ذهابك للجامعة مثلًا، ومفيدة جدًا للمدمنين على استخدام الأجهزة” أمير أبو كف| دكتور صيدلي.
- “أليس ثمة من يجمعون العملات وإن كان الأصل إنفاقها؟ ومن يتخذون زينة من الورود والأسماك والرسم والتماثيل؟ فبعض الناس كذلك يجدون لذّة الجمع، ولذّة التملّك، ولذّة النظر، ولذّة الشم، ولذّة اللّمس…كل ذلك في الكتاب الورقيّ” أنس سلامة| إدارة عامة.
- “برأيي أنَّ استخدام الالكترونيات يَشغَلُ عن القراءة ولا يعطيها حقها؛ فمن الممكن أن تأتيك رسالة نصية على جهازك تنقلك من القراءة إلى الثرثرة، أرى أنَّ الالكترونيات أفضل للمعلومات البسيطّة وليست للكتب” مريم أبو سرية| جغرافيا.
إذًا من الآراء السّابقة نجد أنَّ الحكم على الأفضل هو أمرٌ نسبيّ يختلف من شخصٍ لآخر، فما رأيكَ أنت عزيزي القارئ؟ ماذا تُفضل وكيف تتخيل الحياة بدون كتب؟
Continue reading كيف تكون الحياةُ بدونِ كتب؟ at BirHakaya – بيرحكايا.