هل العلامة العالية دليلٌ على الفشل الدراسي؟

مشكلتي الأهم تكمن في نظام التعليم؛ حيث أنَّ المدرسة ركن مهم في أي دولة تسعى لتحقيق التطور والنجاح والازدهار، والمؤسسة التعليمية هي المسؤولة بشكل عام عن إعطاء أفرادها الأدوات الأساسية، ليبنوا بها حضارة بلادهم ومجدها، وإن وجد خلل في هذه المؤسسة، فإن المواطن يصبح كالطباخ الذي لا يملك معدات الطبخ، والرسام الذي لا يملك فرشاة أو ألوان، ومن هنا نقول بأن فقدان هذه المؤسسة لكفاءتها سبب كافٍ لتدمير المجتمع بأكمله.

ما المشكلة؟

إن مشكلتي مع النظام التعليمي الحالي في الوطن، هي إعدام القدرات الإبداعية للطالب وسحقها، وتبدأ هذه المشكلة من فكرة تقديس العلامة من قِبل الطالب والأهل؛ إذ أننا تعلمنا منذ الصغر، أننا إن قمنا بتحصيل العلامة العالية، فإن أهلنا سيقومون بمكافأتنا، فمن منكم لم يسمع عبارة “إوعى تخبص في الامتحان!” وعبارة “أيوا هيك رفعت راسي” عندما نقوم بإحراز علامة عالية، وأنا لا أنتقد تشجيع الأهل لعلامات أبنائهم العالية، بالعكس فإني أحبذ ذلك، ولكن النقطة الأهم تكمن في تشجيع الأبناء عندما يحرزون ما يستطيعون استخدامه في المستقبل من أجل الوصول إلى أهدافهم.

ما العلاقة بين التحصيل العلمي والعلامة؟

ستلاحظون بعضَ التناقض، فكيف لا تكون العلامة العالية دليلًا على التحصيل العلمي الجيّد؟

ببساطة، من تقديس المعلم للعلامة أيضًا! إذ أن نظام التوجيهي الحالي، يقوم بتقييم الطالب عن طريق امتحانات تلقينية تخلو من الإبداع؛ فبمجرد أن علامة الامتحان عبارة عن دليلٍ لمدى قدرة الطالب على “حفظ المعلومات”، فإن المعلم يُجبر بشكلٍ تلقائي على إعطاء المعلومة بشكل تلقيني، خوفاً على مصلحة الطالب، إذ أن من أعظم مشاكل مجتمعنا تقديس العلامة خوفاً على مستقبل الطالب المهني، فمن منا لم يسمع أيضاً بجملة “التوجيهي مفتاح بفتحلك أبواب كثير بالحياة”، وبذلك يتم صقل طموح الطالب على شكل يجعله ينظر فقط إلى “ما هي التخصصات التي يسمح لي معدلي بالدخول من خلاله إليها؟”، وهنا فإني ألقي لوماً كبيراً على كل جامعات الوطن،  فالجامعة ملامة أيضاً لأنها تقوم بالاعتماد على نظام التوجيهي الخاطئ من أجل تقييم الطلاب، بدلاً من إعطاء المتقدمين للجامعة امتحانات تختبر مدى تمكن الطالب من استعمال الأدوات التي أخذها من تعليمه بشكلٍ إبداعي وبنّاء ومُنتج، بعيداً كل البعد عن أسطوانة التقليد.

مشاكل ما بعد التوجيهي

مع انتهاء الطالب من مرحلة التوجيهي فإن مشكلتين عويصتين ستقومان بالتوغل إلى عقله، وستحدَّان من مقدرته على الإنتاج والإبداع، أولهما أن الطالب لن يتمكن من استعمال الأدوات التي تعلمها إلا في إطار محدود، والمشكلة الثانية تكمن في انعدام طموح الطالب في إنتاج المزيد، فأصبح هدف الطالب الأول والأخير هو فقط الحصول على العلامة الكاملة، فإن كان الحد هو العلامة الكاملة، وقد حصل عليها من قبلنا آلاف مؤلفة، فمن الاستحالة أن نقوم بإنتاج الجديد والمميز، عن طريق الذهاب إلى نفس الهدف الذي تحقق مسبقاً، “هو القيام بتكرار نفس الفعل، وتأمل الحصول على نتائج جديدة” آلبرت أينشتاين.

إنّ حل هذه المعضلة في نظري، يكمن في جعل الامتحانات المعطاة بشكل عام من أي أطراف العملية التعليمية، تركز على الجانب الإبداعي  حتى يتمكن المتقدم من إخراج كل طاقاته وأفكاره،  وإذا فكرنا في المسألة من ناحية منطقية، فإن أفضل طريقة لإظهار إبداع شخص عن طريق قلم وورقة، هي بإعطائه قلم و ورقة بيضاء تخلو من أي حرف.

Continue reading هل العلامة العالية دليلٌ على الفشل الدراسي؟ at BirHakaya – بيرحكايا.